شراع الصداقة

 قصص النبياء وفوائدها 528433015


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

شراع الصداقة

 قصص النبياء وفوائدها 528433015

شراع الصداقة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
شراع الصداقة

بكل عباراتـ التهانيـ... بكل الحب والامانيـ...بكل احساس ووجدانيـ...كل عام وانتمـ بخير  قصص النبياء وفوائدها 381243271 الثلج هدية الشتاء ... والشمس هدية الصيف .... والزهور هدية الربيع .. وأنت يا منتدانا هدية العمر  قصص النبياء وفوائدها 691270272

5 مشترك

    قصص النبياء وفوائدها

    Anonymous
    ????
    زائر


    GMT + 13 Hours قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ???? الأربعاء 14 يوليو 2010, 8:51 pm

    مقدمة

    إن قال القاسمي : ثم اعلم أن قصص القرآن الكريم لا يراد بها سرد تاريخ الأمم أو الأشخاص ، وإنما هي عبرة للناس، كما قال تعالى في سورة هود ، بعدما ذكر موجزاً من سيرة الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم : { وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ...} إلخ ... وقال : وفي تلك القصص فوائد عظيمة، وأفضل الفوائد وأهم العبر فيها التنبيه على سنن الله تعالى في الاجتماع البشري، وتأثير أعمال الخير والشر في الحياة الإنسانية... إل الفوائد والعبر من قصص الأنبياء


    القسم الأول: دعوة الأنبياء والرسل وحالهم مع أقوامهم .

    1- التوحيد هو أول شيء بدء به الرسل .

    أول أمر بدء به الرسل في دعوتهم لأقوامهم، أنهم أمروهم بتوحيد ربهم الذي خلقهم ورزقهم وأنعم عليهم، وبينوا لهم أن الله هو المستحق وحده للعبادة، فمن أخلص له في توحيده كان من الفائزين بجنته، ومن أشرك به خسر الدنيا والآخرة ، قال تعالى: { ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون } ( ) . فهذا عيسى عليه السلام يحكي الله جل في علاه عنه دعوته لقومه فقال: { … وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار } ( ) . وهذا إبراهيم يحذر أباه وقومه من بعده :{ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين } ( ) . وهذا نوح عليه السلام يقول: {… ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم } ( ). وهود ( )، وصالح ( )، وشعيب-عليهم السلام- ( ) ، كلهم قال لقومه : اعبدوا الله ما لكم من إله غيره . ومن جاء بعدهم ومن كان قبلهم من الأنبياء والرسل، بدءوا بدعوة التوحيد قبل كل شيء، لأنه إذا صح التوحيد ونُقي من أدران الشرك، وسلمت العقيدة من الضلالات الباطلة، كان ذلك إيذاناً بغفران الذنوب وقبول العمل .
    والدعاة إلى الله لهم في رسل الله وأنبيائه سلف -وهم خير
    سلف-، فحريٌ بهم أن يعتنوا بهذا الأصل العظيم، وأن يصححوا عقائد الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن لا يسكتوا عن المخالفات التي تقدح في التوحيد بدعوى تأليفهم وتجميع أكبر قدر منهم، فإنهم وإن حصل لهم ما يريدون من التجمع الكبير إلا أنهم غُثاء كغثاء السيل، ليس معهم ما يحصنهم ضد الشبهات المضللة والآراء الفاسدة . وهل أتُي الإسلام إلا من قبل أهل الكلام وأهل البدع والخرافات ؟ .

    2- تقرير الأنبياء: أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية .


    لم تنكر أمة من الأمم توحيد الربوبية، فجميعهم يؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت… ولكنهم مع ذلك كانوا يُشركون معه في العبادة أو يدعون الأصنام والأنداد من دونه . والرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كانوا يقررن أمراً واضحاً جلياً وهو: أن من كان خالقاً رازقاً محيياً مميتا، كان أحق بالعبادة وأن يُخلص له فيها وأن لا يشرك به أو معه غيره . ولكن لتسلط الشيطان عليهم، ومتابعتهم للآباء والكبراء، استكبروا وأبوا أن ينقادوا للحق .
    قال الله تعالى حاكياً مناظرة موسى-عليه السلام- لفرعون : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ(22)قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ(23)قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ(24)قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ(25)قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ(26)قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ(27)قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } ( ). فانظر إلى كلام موسى –عليه السلام- حيث يقرر لفرعون وقومه أن المستحق للعبادة هو رب السموات والأرض، وربهم ورب آبائهم، ورب المشرق والمغرب.
    وأمر الله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين : { قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(84)سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ(85)قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ(86)سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ(87)قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ(88)سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ(89) }( ). وهذا تقريرٌ آخر، حيث أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين، لمن الأرض ومن فيها، ومن رب السموات السبع ورب العرش العظيم، ومن بيده ملك كل شيء . والجواب معروفٌ لديهم، ولذا قال تعالى: { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } . ولذا كان ختم كل آية فيه توبيخ وتقريعٌ للمشركين، كيف أنكم تعلمون ذلك وتقرون به ثم تشركون به ولا تفردون له العبادة . قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: يقرر تعالى وحدانيته واستقلاله بالخلق والتصرف والملك ليرشد إلى أنه الله الذي لا إله إلا هو، ولا تنبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له…اهـ ( ).



    3- فائدة كون الأنبياء بشر .
    كذبت الأمم السابقة وكفار مكة من هذه الأمة بما جاء به الرسل، واستندوا في تكذيبهم على أن الذين أُرسل إليهم بشر . فقال قوم نوح لنوح: { … مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابَائِنَا الْأَوَّلِينَ(24) } ( ). وقال قوم موسى : { أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ(47) }( ) .
    ومثل هذا في القرآن كثير، حيث رد الله عليهم وبين الحكمة من جعل الرسل من البشر، وأن هذا من لطفه بالخلق ورحمته بهم، فقال-تعالى-: { قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا(95)}( ) . وقال تعالى: { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(164) } ( ) .
    قال ابن كثير عند قوله تعالى -{قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ… الآية }- : ثم قال تعالى منبهاً على لطفه ورحمته بعباده أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم ليفقهوا عنه لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولاً من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه ( ). وفي قوله تعالى: { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ(9) }( ) . بيان من الله أن الرسول لو كان ملكاً لجُعل على هيئة رجل، لكي يألفوه ويأخذوا عنه الدين والعلم، لأن الناس لا يألفون إلا من كان من جنسهم، ولو جاءهم الملك على هيئة رجل لكذبوه كما كذبوا الرسل من قبل ( ).
    ويتحصل من هذا أن الله لو بعث إليهم ملكاً رسولاً إليهم لما استطاعوا أن يأخذوا عنه العلم والإيمان لاختلاف الجنس والطبع ... ولو أنزل الله إليهم ملكاً رسولاً لجعله على هيئة رجل، ولو كان كذلك لكذبوه كما كذبوا الرسل من قبل، فعاد الأمر إلى التكذيب، وعندئذ تكون دعواهم بإرسال ملكاًَ رسولاَ باطلة أرادوا بها المعاندة والمشاقة .


    4- تكذيب الرسل .
    من الأمور التي ينبغي الوقوف عندها عندما نتكلم عن قصص الأنبياء، أن الأمم التي أرسل إليها الرسل، كذبت برسلها وألصقت بهم التهم، مع أن الرسل لم يأتوا بأمور مستنكرة، بل جاءوهم بعبادة الله وحده ونبذ الأصنام والأوثان التي لا تضر ولا تنفع، وجاءوهم بصلة الأرحام، وإطعام الطعام، والإحسان إلى الناس… وغير ذلك من صنائع المعروف؛ وهي أمور يستحسنها العقل بداهة، وترغب إليها النفوس، ولكن هو العناد و الاستكبار والتكذيب . ولما كان مصير صفوة خلق الله التكذيب والاتهام والسخرية، لم يخذل الله رسله، فكل أمة كذبت رسولها هلكت ونالها العقاب الأليم ولعذاب الآخرة أشق .
    قال الله تعالى مسلياً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، عندما كذبه قومه : { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ } ( ) . فقوم نوح قالوا له : { فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي ءَابَائِنَا الْأَوَّلِينَ(24)إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ(25)قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ(26) } ( ) . فنصره الله لما كذبوه: { فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ }( ) . ونصر الله نبيه هود لما كذبوه: { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ } ( ) . ونصر الله نبيه شعيب لما كذبوه: { فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } ( ) . وكذا صالح ولوط وغيرهم من الأنبياء-عليهم السلام- .
    فائدة :
    المكذب برسول واحد مكذب لكل الرسل لقوله تعالى: { كذب أصحاب الحجر المرسلين } ( ) . وأهل الحجر لم يُرسل إليهم إلا نبي واحد وهو صالح عليه السلام ، ولكن لما كذبوه وردوا دعوته والتي هي دعوة الأنبياء والرسل من قبله ومن بعده كان تكذيبهم له تكذيب لكل الرسل . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والأنبياء كلهم دينهم واحد ، وتصديق بعضهم مستلزم تصديق سائرهم وطاعة بعضهم تستلزم طاعة سائرهم،... ولهذا كان من صدق محمداً فقد صدق كل نبي؛ ومن أطاعه فقد أطاع كل نبي، ومن كذبه فقد كذب كل نبي، ومن عصاه فقد عصى كل نبي ) ( ) . وقال : (من أطاع رسولاً واحداً فقد أطاع جميع الرسل، ومن آمن بواحد منهم فقد آمن بالجميع، ومن عصى واحداً منهم فقد عصى الجميع، ومن كذب واحداً منهم فقد كذب الجميع؛ لأن كل رسول يصدق الآخر ويقول: إنه رسول صادق، ويأمر بطاعته. فمن كذب رسولاً فقد كذب الذي صدقه، ومن عصاه فقد عصى من أمر بطاعته ) ( ) . وقال ابن سعدي : ( ومن كذب رسولاً فقد كذب سائر الرسل، لاتفاق دعوتهم . وليس تكذيب بعضهم لشخصه، بل لما جاء به من الحق الذي اشترك جميع الرسل بالإتيان به ) ( ) .

    5- الأدلة على صدق الأنبياء والرسل وصحة دعوتهم .
    أ-معجزات الأنبياء .
    أيد الله -سبحانه- أنبيائه ورسله بمعجزات، تدل على صدق رسالتهم، والمعجزات هي الأمور الخارقة للعادة، التي لا يستطيعها لا الجن ولا الإنس . وهذا من رحمة الله بعباده فهو يعلم أن النفوس مولعة بالتكذيب، فكان في معجزات الرسل ما يقمع هذا التكذيب ويلجمه، حتى ينقادوا لرسولهم الذي أرسل إليهم ويتبعوه . والرسول والنبي قد تكون له أكثر من آية تدل على صدق رسالته ونبوته ولكن أغلب آيات الأنبياء والرسل جاءت من جنس ما برع فيه أقوامهم لأعجازهم وتحديهم وأنهم وإن بلغوا ما بلغوا فأمر الله فيهم نافذ، وقدرته عليهم قاهرة .
    فآية صالح –عليه السلام- قال تعالى: { وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ ءَايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ } ( ) .
    وآية موسى- عليه السلام- قال تعالى:{ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ(107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ(108) } ( ) .
    وآية عيسى عليه السلام- قال تعالى: { أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ( ).
    وآية نبينا عليه الصلاة والسلام، أعظم معجزة، قال تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا } ( ) .
    قال ابن كثير: بعث الله كل نبي من الأنبياء بما يناسب أهل زمانه، فكان الغالب على زمان موسى عليه السلام؛ السحر وتعظيم السحرة، فبعثه الله بمعجزة بهرت الأبصار وحيرت كل سحار، فلما استيقنوا أنها من عند العظيم الجبار انقادوا للإسلام، وصاروا من عباد الله الأبرار، وأما عيسى عليه السلام، فبعث في زمن الأطباء وأصحاب علم الطبيعة، فجاءهم من الآيات بما لا سبيل لأحد عليه إلا أن يكون مؤيدا من الذي شرع الشريعة، فمن أين للطبيب قدرة على إحياء الجماد، أو على مداواة الأكمه والأبرص، وبعث من هو في قبره رهين إلى يوم التناد. وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم، بعث في زمان الفصحاء والبلغاء وتجاريد الشعراء، فأتاهم بكتاب من الله عز وجل، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، لم يستطيعوا أبداً ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً … إلخ ( ).
    ب- صدق الأنبياء والرسل وصلاحهم وحسن أخلاقهم .
    وهذا من أعظم الأمور التي تجعل الناس تقبل الدعوة وتتلقاها، لأن الصدق والصلاح وحسن الأخلاق من المحاسن التي تحبها النفوس وترغب إلى صاحبها فتحبه وتقبل عليه، والكذب والفساد وسوء الأخلاق، من المساوئ التي تنفر منها النفوس، وصاحبها بغيضاً إلى الخلق .
    والأنبياء والرسل جميعهم اصطفاهم الله واختارهم لحمل رسالاته، وكانوا من خيار أقوامهم وأنفسهم وأحسنهم أخلاقاً . فقال قوم ثمود لصالح عليه السلام : { قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ ءَابَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} ( ) . أي : قد كنا نرجوك ونؤمل فيك العقل والنفع. وهذا شهادة منهم، لنبيهم صالح، أنه ما زال معروفاً بمكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم، وأنه من خيار قومه. قاله ابن سعدي ( ) .
    ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، اشتهر في قومه بأنه الصادق الأمين، وزكاه الله جل في علاه بقوله : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ( ) . ولذلك لم يستطع أهل الضلال من الأمم المكذبة أن تطعن في صلاح الأنبياء وتقواهم وحسن أخلاقهم، ولم تجد إلى ذلك سبيلاً . فاحتالوا وخلعوا عليهم ألقاب السحر والكهانة والسفه والضلال وغير ذلك مما هم منه براء .



    ت- الأنبياء والرسل لا يطلبون أجراً على دعوتهم .
    مما يدل على صحة وصدق دعوة الأنبياء والرسل، أنهم لا يطلبون أجراً على دعوتهم لأقوامهم؛ بل يدعونهم بالمجان، لا يريدون من أحد جزاء ولا شكوراً، وإنما قصدهم تبليغ رسالة ربهم التي كُلفوا بها من لدن ربهم . فنوح وهود وصالح ولوط وشعيب كلٌ قال لقومه : { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} ( ) . والمعنى: أننا لا نسألكم شيئاً من أموالكم أجراً على دعوتنا إياكم، فهي بالمجان، ولكننا رسل ربنا، وأجرنا على ربنا، رب العالمين .
    والنبيون من قبلهم ومن بعدهم، لم يكونوا يرجون من قومهم شرفاً ولا مالاً ولا جاهاً ، وإنما كانوا يرجون الأجر من ربهم .
    والمتأمل في مقالة النبيين، يرى أنها من الأدلة الظاهرة على صحة دعواهم وصدقهم .
    ث- عجز المكذبين عن إبادتهم واستئصالهم .
    فهم منصورون بنصر الله لهم {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} ( ) . والله حافظ رسله وأنبيائه من كيد أعدائهم، ولذلك تحداهم هود عليه السلام بقوله : {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(54)مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (55)إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ( ) . فتبرأ من آلهتهم، وتحداهم أن يمسوه بسوء وهم جماعة كثيرة قوية وهو فرد واحد، لكنه توكل على ربه واعتمد عليه في دفع الضرر عنه، ونعم الوكيل هو .
    يقول ابن سعدي : (وفي هذا كالإشارة من الرسل، عليهم الصلاة والسلام لقومهم بآية عظيمة وهو أن قومهم-في الغالب- أن لهم القهر والغلبة عليهم. فتحدتهم رسلهم بأنهم متوكلون على الله، في دفع كيدهم ومكرهم، وجازمون بكفايته إياهم . وقد كفاهم الله شرهم مع حرصهم علىإتلافهم، وإطفاء ما معهم من الحق. فيكون هذا ، كقول نوح لقومه: { يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله ، فعلى الله توكلت ، فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ، ثم اقضوا إلي و لاتنظرون} ... ( )
    ومن أعظم المواقف التي تدل على حفظ الله لرسله وأنبيائه، قصة نبينا صلى الله عليه وسلم مع قومه لما أراد الهجرة من مكة إلى المدينة، ففي الليلة التي تآمرت فيها قريش على قتل محمد صلى الله عليه وسلم وأحاطوا بداره ترقباً لخروجه، ألقى الله عليهم النوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع على روؤسهم التراب نكاية بهم، ولم يناله أذى، وكذلك حفظ الله له حال هجرته وخروج قريش في طلبه . وفي نزول قوله تعالى : {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} ( ) . أبلغ الأدلة على حفظ الله لرسوله وعصمته له، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحرسه أصحابه، فلما نزلت هذه الآية ترك الحرس .
    ج- هلاك المكذبين واستئصال الله للظالمين المعاندين للرسل .
    ومما يدل على صحة دعوى الرسل وصدقهم، أن الله عاقب مكذبيهم بعقوبات تستأصلهم وتبيدهم عن آخرهم، وذلك لظلمهم وتجبرهم وتكذيبهم بالحق لما جاءهم، ولم يستطيعوا أن يردوا تلك العقوبات عن أنفسهم وأنى لهم ذلك ! . والأمثلة على ذلك كثيرة في القرآن، فعلى سبيل المثال: قال تعالى : {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} ( ) . وقال: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ(66)وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِين َ} ( ) . وقال: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ } ( ) . وقال:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} ( ) .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وكذلك ما يفعله الله من الآيات، والعقوبات بمكذبي الرسل، كتغريق فرعون، وإهلاك قوم عاد بالريح الصرصر العاتية، وإهلاك قوم صالح بالصيحة، وأمثال ذلك، فإن هذا جنس لم يعذب به إلا من كذب الرسل ، فهو دليل على صدق الرسل .اهـ ( ) .

    6-تنوع العقاب على الأمم المكذبة .
    يخبر الله تعالى عن الأمم المكذبة أنه -جل في علاه- أهلكم بذنوبهم، لما كذبوا الرسل وعصوهم ولم يتبعوا النور الذي معهم، فعاقب كل أمه بعقاب من عنده، قال تعالى: { فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } ( ) . فأرسل الحجارة من سجيل منضود على قوم لوط، وعذب قوم ثمود بالصيحة وقوم شعيب بالظلة، وخسف بقارون وبداره الأرض، وأغرق قوم نوح وقوم فرعون، وغيره من أنواع العذاب . وكل أمة من الأمم التي كذبت وجحدت الحق أتاها من العذاب الذي تستحقه وعذاب الآخرة أكبر . وفي تنوع العذاب على الأمم المكذبة فوائد يستشعرها المسلم، وهي:
    أ‌- معرفة عظيم قدرة الله، وأن ليس لقدرته حد .
    ب‌- تنوع صنوف العذاب، يزيد المؤمن خوفاً من ربه، فيدعوه ذلك للاستكثار من العمل الصالح حتى ينجو من عذابه .
    ت‌- هوان العباد على الله لما كذبوا رسله، وخالفوا أمره، وعبدوا غيره، فلم يبال الله فيهم، ولا في أي واد هلكوا .

    7- كثرة الاتباع وقلتهم، وكذا حالهم ليست عاراً على الأنبياء وليست دليلاً على صحة الدعوة أوفسادها .
    صحة الدعوة من عدمها، لا تخضع لكثرة الاتباع، أو حال المتبعين من فقر أو غنى أو شرف…إلخ . وإنما تعرف صحة الدعوة بما يجريه الله من البراهين والآيات على أيدي الرسل، وبما يحملونه من الرسالات السماوية من عند ربهم، التي لا يمكن أن يأتي بها بشر . والمكذبون المعاندون من الأمم السابقة كانوا يحتجون بقلة أتباع الرسل، ويجعلونه مقياساً للحق ‍‍‍‍! .
    فقال قوم نوح لنوح : {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} ( ) .
    الأراذل هنا: هم الضعفاء والفقراء ، وبادي الرأي : أي بديهة الرأي أ ي ضعاف العقول . وكون الاتباع فقراء لا مال عندهم ولا جاه لديهم ليس عار يوصم به الأنبياء والرسل . يقول القرطبي : ( وكان هذا جهلاً منهم؛ لأنهم عابوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بما لا عيب فيه؛ لأن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، إنما عليهم أن يأتوا بالبراهين والآيات، وليس عليهم تغيير الصور والهيئات، وهو يرسلون إلى الناس جميعاً ، فإذا أسلم منهم الدنيء لم يلحقهم من ذلك نقصان؛ لأن عليهم أن يقبلوا إسلام من أسلم منهم ) ( ). ثم إن الغالب أن الكبراء يأنفون من اتباع الحق ولذا تجد أكثر أتباع الأنبياء والرسل هم فقراء الناس وضعفائهم، واستفد من مقالة هرقل لأبي سفيان عندما سأله عن حال محمد صلى الله عليه وسلم وقومه فكان مما جاء فيه : ( وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل ) ( ) . وعلى هذا فحال التابعين للرسل لا يوجب نقصاً في حال المرسل ولا حال الرسالة، بل ظهر لك أن الفقراء والضعفاء هم الأقربون عند الله إذا ما اتقوا .

    8- أهل الرياسة والغنى-غالباً- هم أول من يرد دعوة المرسلين، ويستكبر عنها .
    فمن خلال تتبع قصص الأنبياء في القرآن، نرى أن أهل الرياسة والغنى (الملأ) هم أول من يرد دعوة المرسلين، وهو الغالب عليهم، وذلك لأن الرسل يأتون بالتوحيد، والعدل، وإقامة شرع الله في الأرض . وتلك المهمات العظام يأنف منها أهل الرياسة والغنى –غالباً- لأنهم يرون أنهم إن تابعوا الرسل فيما جاءوا به، ستنحط رتبتهم، ويقل شأنهم، ويتسلط عليهم الأصاغر ! ، وما علموا لو أنهم آمنوا وصدقوا الرسل، وعملوا الصالحات، وأقاموا شرع الله في أرضه، وأنفقوا من فضول أموالهم في سبيل الله، لحازوا قصب السبق، وسعدوا في الدنيا قبل الآخرة، ولرفعهم الله درجات عظيمة . ولكن هو الجهل، وحب الدنيا، أورثهم الاستكبار والعناد فخسروا الدنيا والآخرة .
    قال تعالى حاكياً قول الملأ من قوم هود : {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ } ( ) .
    وقال تعالى : {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} ( ) .
    وكذلك حال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد لقي من أذى صناديد قريش واستكبارهم وعنادهم شيئاً كثيراً .

    9-طرق ووسائل أهل الباطل لرد دعوة الأنبياء والرسل .
    يحاول أعداء الدين في كل زمان وحين رد دعوة الرسل بكل طريق يجدون إليه سبيلاً، متخذين بذلك كافة الوسائل التي من خلالها يشوهون الحق، ويشوشون على أهل الحق، ليوهموا أنفسهم، ويصدوا اتباعهم، زاعمين أنهم على الحق المبين، وما عداهم في ضلال مبين . فمن طرقهم ووسائلهم :
    أ- محاولات أهل الباطل في استمالة الأنبياء وصرفهم عن بعض الحق .
    من طرق أهل الضلال والغي التي حاولوا بها صد الأنبياء والرسل عن تبليغ دعوتهم، هو استمالتهم وملاطفتهم لكي يتنازل لهم النبي أو الرسول عن بعض ما جاء به .. ويظهر هذا جلياً في قوله تعالى واصفاً محاولة المشركين في صرف محمد صلى الله عليه وسلم عن إلزامهم ببعض ما جاء به فقال : { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَه وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًاُ} ( ) . فمما جاء في كلام المفسرين حول هذه الآية أن قريشاً أو ثقيفاً لا ينت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يترك لهم بعض ما عندهم من الباطل على أن يتبعوه إن هو وافقهم على ما أرادوا ، ولكن الله ثبت نبيه وعصمه من موافقتهم { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} ( ) .
    وتلك إحدى وسائل أهل الباطل دوماً، أنهم يتقربون إلى الأنبياء وورثتهم أولاً، ليكسبوهم إلى صفهم وليتغاضوا عن بعض أعمالهم، فإن نالوا منهم ما أرادوا قربوهم ووالوهم، وإلا عادوهم ونابذوهم .
    ب- التماس سقطات أهل الحق التي تكون منهم في زمن الجهل، أو تضخيم الزلات .
    والمرء في زمن جهالته لا يؤاخذ بما كسبه فيها، إذا تاب وآمن وعمل صالحاً، ولا يعيب عليه ذلك، وإنما العيب كل العيب أن يستمر المرء في غيه وضلاله حتى مع بيان طريق الحق له . وكذلك قد يزل المرء في حال استقامته على الطريق، والعصمة لا تكون إلا للأنبياء والرسل، ومع ذلك من تاب من زلته وأناب إلى ربه فقد هُدي إلى صراط مستقيم، ولا يشين المرء ذلك، بل يُحمد على رجوعه وإنابته إلى ربه .
    فمن أمثلة ذلك : تضخيم فرعون لما حدث من موسى عليه السلام في زمن شبابه، عندما قتل القبطي ثم فر هارباً، ثم تاب إلى ربه وتاب الله عليه ، واصطفاه مولاه وجعله من المرسلين ، وبعثه إلى فرعون وملأه فاستكبر فرعون ومن معه، وعيره بأمر فعله في حال جهله رغبة منه في صد الحق ورد دعوته فقال: {وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}( ) . فرد عليه موسى بقوله : {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} ( )، حيث صدر مني ما صدر في حال الجهل، وعن طريق الخطأ، فلماذا أعير بذلك ؟ .
    ت- وصف الأنبياء والرسل بالسحر والجنون والكذب... .
    وتلك طريقة الظالمين، يلصقون التهم بشخص الداعي حتى يتسنى لهم ولاتباعهم رد دعوته، والقدح فيها، فأي دعوة تقبل من ساحر أو كاهن أو مجنون ؟! .
    قال تعالى عن فرعون مشهراً بموسى عليه السلام : {فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌْ} ( ) وفي سياق نفس السورة –سورة الذاريات- وبعد أن قص الله شيئاً من أخبار قوم هود وقوم نوح قال تعالى : {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } ( ) . يقول ابن كثير: أي لكن هم قوم طغاة تشابهت قلوبهم، فقال متأخرهم كما قال متقدمهم. اهـ ( ) . وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يسلم من أذى قومه له فأخبر الله عنهم أنهم قالوا فيه أنه ساحر وكذاب : { ...وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } ( ) . وقالوا عنه شاعر : { ... بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} ( ) . يقول ابن سعدي : وإنما يقولون هذه الأقوال فيه، حيث لم يؤمنوا به، تنفيراً عنه لمن لم يعرفه ( ) .
    ث- استخدام الإعلام لتشويه صورة الأنبياء والنيل منهم .
    يظهر هذا جلياً في مقالة فرعون لما أعيته الحيل، وخروج موسى ببني إسرائيل، اشتد غضب فرعون فأمر منادياً : {فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ(53)إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ(54)وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ(55)وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(56)} ( ) . يقول ابن كثير : واشتد غضبه على بني إسرائيل –أي فرعون- لما يريد الله به من الدمار، فأرسل سريعاً في بلاده حاشرين، أي من يحشر الجند، ويجمعهم كالنقباء والحجاب ونادى فيهم {إن هؤلاء} يعني بني إسرائيل {لشرذمة قليلون} أي لطائفة قليلة {وإنهم لنا لغائظون} أي كل وقت يصل منهم إلينا ما يغيظنا {وإنا لجميع حاذرون } أن نحن كل وقت نحذر من غائلتهم ... ( ). وفي السياق السابق من الإعلام والتشويه ما فيه، حيث وصفهم فرعون بالقلة وأنهم قد أغاظوا ملكهم، وهم أصحاب غدر . وكل ذلك من أجل تسويغ قتالهم واستئصالهم .
    قلت : والعلماء ورثة الأنبياء أتباع الرسل لهم من ذلك نصيب كبير، فكم نالهم من الأذى والتشويه، وكم أشيع عنهم من قول باطل، وكم رموا بوصف نفر الناس عنهم، ولا أدل على ذلك مما رُمي به الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- ودعوته بأنها (وهابية)، لأجل تنفير الناس عنها . وما زال العلماء الربانيون إلى لدن اليوم يأتيهم من هذا شيء كثير، ولا ينبغي لأهل العلم والفضل الحزن من جراء ذلك، فإن هذا الإيذاء لدليل على صحة الدعوة .
    فائدة :
    الذي ينهى عن الفاحشة وينكر المنكر ، يحاول أعدائه نفيه وإخراجه قال تعالى في بيان مقالة قوم لوط لما أنكر عليهم الفاحشة { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } ( ) . يقول شيخ الإسلام : وهذا حال أهل الفجور إذا كان بينهم من ينهاهم، طلبوا نفيه وإخراجه . أهـ ( ) .
    قلت: والتاريخ والواقع يشهد لذلك .
    ج- قتال الأنبياء والرسل وقتلهم .
    وتلك هي آخر وسائلهم، إذا أعيتهم الحيل، ونفد صبرهم، قاتلوا الأنبياء والرسل وحاربوهم، أو قتلوهم إن تمكنوا منهم، كحال اليهود مع أنبيائهم، فإنهم عليهم لعائن الله المتتابعة قتلوا كثيراً من أنبيائهم، والله الموعد . {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} ( ) .
    وهذا هو حال الأنبياء كلهم، فما من نبي إلا وعودي وقوتل من قبل قومه، من لدن نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم . ولكن الغلبة تكون لله ولرسوله ولكتابه ولعباده الصالحين . والآيات في ذكر الملاحم التي دارت بين أنبياء الله و أ عدائه، وفي ذكر أخبار هلاك الأمم التي كذبت رسلها وحاربتها كثيرة في القرآن الكريم، وكثرتها ومعرفتها أغنتنا عن سردها ههنا .
    فائدة :
    يخبر الله سبحانه وتعالى عن إهلاك المخالفين للرسل ونجاة اتباع المرسلين : ولهذا يذكر سبحانه في سورة الشعراء قصة موسى وإبراهيم، ونوح وعاد وثمود، ولوط وشعيب، ويذكر لكل نبي إهلاكه لمكذبيهم والنجاة لهم ولأتباعهم ، ثم يختم القصة بقوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(174)وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ(175) }( ) . ، فختم القصة باسمين من أسمائه تقتضيها تلك الصفة ، وهو : { العزيز الرحيم } فانتقم من أعدائه بعزته، وأنجى رسله واتباعهم برحمته . أهـ ( ).
    Anonymous
    ????
    زائر


    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ???? الخميس 15 يوليو 2010, 12:36 am

    يسلموووو
    Anonymous
    ????
    زائر


    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ???? الخميس 15 يوليو 2010, 12:45 am

    الله يسلمك .......مشكور على ردودك الجميله
    ●ĎoЙ ЌàЌà●
    ●ĎoЙ ЌàЌà●
    مؤسس الموقع
    مؤسس الموقع


    ♥|الجنس : ذكر ♥| عدد مشاركاتـي : 4548
    ♥| نقـاآطــي: : : 6383
    ♥|تاريخ الميلاد : 25/12/1996
    ♥| تاريج التسج ــيـــل: : : 09/07/2010
    ♥|الموقع : قلب ريال مدريد
    ♥|العمل/الترفيه : لاعب
    المزاجراآيق كتيير

    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ●ĎoЙ ЌàЌà● الخميس 15 يوليو 2010, 4:05 am

    شكرا كتيييييييير يا عبد العزيز
    Anonymous
    ????
    زائر


    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ???? الخميس 15 يوليو 2010, 4:07 am

    تسلم
    *فتآة آلكون*
    *فتآة آلكون*
    مشرفة الدردشة
    مشرفة الدردشة


    ♥|الجنس : انثى ♥| عدد مشاركاتـي : 1005
    ♥| نقـاآطــي: : : 1300
    ♥|تاريخ الميلاد : 23/04/1991
    ♥| تاريج التسج ــيـــل: : : 15/07/2010
    ♥|الموقع : عُمـــــ♥ــــانية ويكفيني فخر
    ♥|العمل/الترفيه : طــــــــالبة جامعية
    المزاجمستــ مرره ـانسه

    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف *فتآة آلكون* الجمعة 16 يوليو 2010, 5:24 am

    يسلمـــــــــــــووووو عبوووووووووووووودي

    بس إذاا ممكن
    لا تكتب مواضيع كبييييييييييييرة

    تعبت من كثر م أقرأ خخخخخخخخخخخخخ pale
    HếBãŔã
    HếBãŔã
    الرقابة العامة
    الرقابة العامة


    ♥|الجنس : انثى ♥| عدد مشاركاتـي : 2909
    ♥| نقـاآطــي: : : 4003
    ♥|تاريخ الميلاد : 27/11/1996
    ♥| تاريج التسج ــيـــل: : : 13/07/2010
    ♥|الموقع : مملكة أحــلآمي
    المزاجexciting

    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف HếBãŔã الجمعة 16 يوليو 2010, 5:42 pm

    يسلمووووووو
    sandos
    sandos
    مشرفة قسم طيور الجنة
    مشرفة قسم طيور الجنة


    ♥|الجنس : انثى ♥| عدد مشاركاتـي : 2452
    ♥| نقـاآطــي: : : 2961
    ♥|تاريخ الميلاد : 01/06/1996
    ♥| تاريج التسج ــيـــل: : : 12/07/2010
    ♥|الموقع : في البييت
    المزاجرايقة

    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف sandos الجمعة 16 يوليو 2010, 7:25 pm

    يسلمووووووووووو
    ĂĻžÂ3ęỄM6ҳǻ
    ĂĻžÂ3ęỄM6ҳǻ
    مؤسس الموقع
    مؤسس الموقع


    ♥|الجنس : ذكر ♥| عدد مشاركاتـي : 3064
    ♥| نقـاآطــي: : : 3570
    ♥|تاريخ الميلاد : 03/08/1996
    ♥| تاريج التسج ــيـــل: : : 09/07/2010
    ♥|الموقع : الملعب
    ♥|العمل/الترفيه : لاعب
    المزاجرااايق

    GMT + 13 Hours رد: قصص النبياء وفوائدها

    مُساهمة من طرف ĂĻžÂ3ęỄM6ҳǻ السبت 17 يوليو 2010, 3:21 am

    يسلمو كتير يا عبووود

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 22 نوفمبر 2024, 1:31 pm